أنا تونسية و متابعة للأحداث في مصر من قبل الثورة حتى... عندي أصدقاء كثيرون من مصر .. مسلمون و مسيحيون... منهم من أعرفه شخصياً و منهم من أعرفه على النت و منهم من لم يكن من اصدقائي لكن كنت أتابع أخبارهم على الفايسبوك و تويتر... يوم 9 أكتوبر كنت أتابع كالعادة الأحداث على النت و التلفزيون...
الأزمات الطائفية بالذات تؤلمني جداً... أن يتقاسم المصريون بإختلاف انتماءاتهم السياسية و العقائدية و الفكرية الأزمات و المشاكل فذلك لن يزيدهم إلا إصراراً على حلها و تجاوزها معاً و لكن عندما تصبح المشكلة طائفية فيقتل الأخ أخاه و يهجره و يمنعه من حقه في ممارسة معتقده فذلك أكثر بكثير مما استطيع أن أتحمله
ما يتملكني ليس فقط مشاعر حزن ... بل هو الغضب و السخط ... الأزمات الطائفية في مصر ليست جديدة و ليست سهلة الحل و لكنها حلها ليس مستحيلاً فقط لو توفرت الارادة لذلك ... و لكن كيف و هي قد مثلت منذ بدايتها في السبعينات ورقة رابحة لأطراف عديدة كل تاجر بها على حسب مصلحته... لا استطيع أن أتخيل أن صديقتي ماري تكره صديقي محمد أو أن صديقي جورج يكن أي مشاعر سلبية لصديقتي منى... لا أستطيع أن اتحمل أن أم أو أب احدهم يوصي إبنه أن لا يصادق الآخر لأنه على غير دينه ... أين المشكل إذاً... ابحث عن المستفيد... ابحث عن ذلك الذي يريد أن يسود فلم يكن له حل إلا أن يفرق... ابحث عن أولئك الذين ملء السواد قلوبهم و أولئك الذين ملأ الطمع عقولهم ... عن النظام اتحدث... القديم و الجديد ... عن تجار الدين و تجار المشاعر و كارهي التفكير و عاشقي التكفير اتحدث ... عمن لا يهمهم سوى أن تظل مؤخراتهم لاصقة بالكراسي ... عن الكاهن المتمعش و الشيخ الحقود ... عن صناع الجهل و المتربحين منه اتحدث ... كل هؤلاء مستفيدون من أن يظل المسلم يعتقد أن وجود كنيسة في شارعه تهديد صريح لدينه و أن يظل القبطي يحس أن كل مسلم يتربص به...كل الأساليب مباحة عندهم منابر المساجد و مذابح الكنائس ... شاشات التلفزيون و صفحات الجرائد و مواقع النت يستغلون أخطر تركيبة ممكنة: خلطة تفوق كوكتال المولوتوف إشتعالاً الجهل مع المشاعر الدينية ...
سقط شهداء كثيرون خلال ثورة 25 يناير و قبلها و لكن شهداء ماسبيرو (و شهداء الأهلي) و مينا دانيال بالتحديد تركوا جرحاً غائراً في نفسي لا أقوى عليه حتى الآن ... لم أعرف مينا دانيال بصفة شخصية و لكن ابتسامته الرائعة على الكثير من الصور التي كنت أراها كانت دائماً ما تعيد لي الأمل ...
صورة مينا دانيال تتداخل في ذهني مع صورة جيفارا ... رحل الإثنان في نفس اليوم ... بنفس الغدر... بنفس الابتسامة على شفاههما
المجد للثوار في كل مكان ... المجد للشهداء في كل مكان